حراك سني في كل الاتجاهات: أين المشروع الوطني الجامع؟

تشهد الساحة الاسلامية السنية في لبنان حراكا متعدد الابعاد والاتجاهات وذلك بهدف ملء الفراغ الذي تركه تيار المستقبل ومن أجل البحث عن المشروع الوطني الجامع والقادر على مواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية. ورغم قرار الرئيس سعد الحريري بالعودة المؤقتة الى لبنان في الرابع عشر من شهر شباط لقراءة الفاتحة عن روح والده الشهيد الرئيس رفيق الحريري ، فان هذه العودة لا تعني عودة تيار المستقبل للعمل السياسي الشامل، وسيكتفي الحريري بعقد لقاءات مصغرة مع الشخصيات المقربة منه في قصره في الوسط التجاري من دون اطلاق اية مواقف سياسية. وبموازة ذلك يحاول شقيقه بهاء الحريري العودة الى النشاط السياسي والاعلامي الموسّع بعد النكسة التي تعرض لها خلال الانتخابات النيابية الاخيرة والفشل في تحقيق أي خرق في المجلس النيابي، وقد عمد بهاء الحريري لدعوة عشرات الشخصيات اللبنانية لعقد لقاء معهم في قبرص والتباحث في الاوضاع السياسية، لكن التجاوب معه كان ضعيفًا، ولا يبدو أنه قادر على ملء الفراغ السياسي الكبير في الساحة السنية. وعلى ضوء شعور شخصيات سنية عدة بوجود فراغ كبير في الساحة وعدم الارتياح لنتائج الانتخابات النيابية ولا سيما من قبل الناشطين في ثورة 17 تشرين الاول في العام 2019 ، بدأنا نشهد مبادرات وتحركات من شخصيات سنية لملء الفراغ السياسي وتقديم مشاريع سياسية جامعة والسعي لتقديم مشروع وطني متكامل. وآخر المبادرات كانت “مبادرة الانقاذ الوطني” والتي أطلقتها مجموعة من الشخصيات السنية في نقابة الصحافة يوم الاربعاء الماضي، ورئيس هذه المبادرة الدكتور مازن حجار وهو شخصية لبنانية مقيمة في بريطانيا وله دور كبير في الحوارات الوطنية والاسلامية ومتخصص في الامن الاستراتيجي، وتشارك معه عشرات الشخصيات السنية من المناطق كافة ومنهم الدكتور عبد الرزاق قرحاني مستشار الرئيس نجيب ميقاتي والنائب السابق الدكتور مصطفى علوش والاعلامي زياد دندن والدكتور سمير عاكوم والباحث والناشط الاسلامي حسان قطب والاستاذ ماهر السقال، وتهدف المبادرة لجمع الطاقات السنية وعقد مؤتمر موسع والتعاون مع مختلف القوى السياسية والحزبية والعمل لترتيب البيت السني تمهيدًا لترتيب البيت الوطني. وقد أثار إطلاق هذه المبادرة الكثير من علامات الاستفهام حول أهدافها ودورها وموقفها من سلاح حزب الله والمقاومة، وحاول أعضاء المبادرة الرد على هذه الاشكالات خلال المؤتمر الصحفي وهم ينوون التحرك في المرحلة المقبلة من أجل تعزيز موقعهم ودورهم .وقبل هذه المبادرة كان عدد من الشباب السنة قد أطلقوا مشروعا آخر تحت عنوان: الخط الثالث، وقد تحدثنا عنهم في مقال سابق، وهم يعتبرون أن مشروعهم وطني وليس مذهبيا وهم بدأوا بالتحرك في العديد من المناطق والسعي للامتداد خارج الطائفة السنية، ويعبّرون عن خيبة أملهم من دور نواب التغيير ونتائج ثورة 17 تشرين الاول في العام 2019 ويسعون لاطلاق مشروع يجمع بين التغيير والمحافظة على القيم. وقبل عام تقريبا انطلق في بيروت أيضا مشروع حواري من رحم ثورة 17 تشرين الاول وهو يضم حوالي 300 شخصية بيروتية واتخذ اسم ” المظلة البيروتية” ومن ابرز الناشطين فيه الاستاذ مروان الايوبي وهو مناضل وناشط سياسي وكان قريبا من تيار المستقبل والدكتورة حسن عبود ( بضم الحاء) وهي متخصصة بالدراسات الاسلامية وتنشط في لقاء سيدة الجبل ، والسيدة رولا العجوز وهي اعلامية ومرشحة حاليا لرئاسة بلدية بيروت ، وتضم المظلة شخصيات بيروتية متعددة الانتماءات الطائفية وان كان الغالب عليهم من الطائغة السنية ، وهي تجري حوارات دورية مع شخصيات سياسية واعلامية وتهدف لتقديم مشروع تغييري جديد . وفي موازة ذلك، يسعى الوزير السابق محمد شقير لإطلاق حركة سياسية جديدة تحت عنوان: “كلنا بيروت” وتضم شخصيات كانت ناشطة في تيار المستقبل، في حين أطلق النائب فؤاد مخزومي مبادرتين، الأولى بعنوان ملتقى بيروت بإدارة الدكتور فوزي زيدان والأستاذ بسام نعماني والثانية باسم مجلس وحدة بيروت بإشراف الاستاذ حسن كشلي . كل هذه المبادرات والحراكات تحاول ملء الفراغ السياسي في بيروت بالخصوص وعلى الصعيد اللبناني عامة، وهي تنضم الى الاحزاب والشخصيات والقوى الناشطة في كل المناطق، لكن السؤال الاهم : هل تستطيع هذه المبادرات ملء الفراغ السياسي والوطني الكبير؟ وأين هو المشروع الوطني الجامع القادر على استعادة قيادة الساحة السياسية؟. السؤال برسم الجميع وما علينا سوى انتظار ما ستتمخض عنه كل هذه المبادرات والتحركات .

المصدر: جسور

الكاتب: قاسم قصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

English